الجمعة، 19 نوفمبر 2010

على وقع الخطى

....
انظر إلى وقع خطواتي تنسكب في اذناي كصوت يشعرني أنني لازلت أسير تجمد الكون غارق حتى قمة الشيب على هامة رأسي تلوثت قدماي بالوحل ولا زلت أسير وأواصل الاستماع لتراتيل خطواتي ولم أسأل إلى أين حتى أدركت حاجتي للجلوس وأدرك الصوت حاجتة ليستريح وأدركت أذناي حاجتها لتغفوان على أريكة السكون.
كانت صخرة ملساء رمادية تحكي قصة قديمة وتروي ما شاهدتة منذ أن كانت في هذا المكان أسندت ظهري إليها وسرعان ما غفى سمعي لكن بصري قفز نشيطا وأخذ في التجول على مساحات السهل المعشب كثيرة هي الطيور لكنها صامته ترتقب شيئا ما أو أنني خارج قدرة السمع.
الآن أستيقض بصري بعد أن تقرحت أذناي من صوت خطواتي المتثاقلة على طريق ممزق يفتقر للعشب والخضرة إغتالت الخطوات بكارتة حتى عاد ساقطا في وحل الخطيئة وطفق يخصف علية من الرمل ما يستتر به وبصري يهيم في هذا الفج ويتلمس ذاك الأفق ويعانق تلك القمة ويتابع غيمة بدت وحيدة سارحة بعيدة عن القطيع لا تعاكس الرياح ولكنها مثقلة حتى الوجع مكبلة في بساط السماء تزحف بتثاقل، الألم يغلي في داخلها تفور الى الاعلى وتسحق كيانها الى اسفل كأنما للحزن يدان يعجنانها في وعاء البوؤس الليلة الاولى التي اقضيها خارج مملكتي فأجد هذا النواح أمامي ياله من نذير......... ولم أكمل فقد آثرت الصمت.

أما الغيمة فقد إستقبلت الرياح وأغمضت قلبها وجمعت أطرافها وأسدلت آهاتها وأستسلمت للضياء فصنعت ذلك الظل الجميل الذي تجره خيلاء على الأرض فغدت كالملكة تتقدم رعاياها...جنودها...ولتكتمل أحلامها وتكون أكثر واقعية فقد أخذت توزع هباتها على الأرض فأمطرت مطرا غزيرا سالت به الأودية وأستبشرت له أفئدة صفراء من العشب والشجر فأرتوت حتى بان عليها الرضى فهنيئا لهم بهذا العطاء.

أخذت أتابع حبات المطر تتساقط بصمت وتتراقص مع الرياح لم يكن سقوطها عنيفا كانت تتنزل كالرذاذ يحمله النسيم ما أجمل روؤيه المطر وقد آل على نفسة أن يسحق الجفاف ويقدم الحياة انظر الى حبات المطر وأكاد أشعر بأنني أعدها وأعرفها وأحفظ ملامح كل واحدة منها، ملامح من الحياة واللذة والبلل حتى في هجومها رقيقة.....نعم رقيقة رغم أنها تحمل الموت للجفاف.

تنزل فرادى تنقسم نقاطا عديده بعد ان ترتطم بأي شيء تطفيء لهيب عطش الرمال وتغسل الصخور والاغصان حتى الهواء تراه نظيفا وتتنفسة بعنفوان لذيذ تجتمع تلك القطرات لتسيل جارفة معها بعضا الأوراق الصفراء التي تيبست وسقطت عطشى لعل في الارض ما يبل ريقها وماتت على الارض مختنقة بالاصفرار كم هو رحيم هذا السيل يحملها مسرعا لعلها تعود إلى الحياة يحاول ويحاول ويتركها طافية فوقة ولكن لا حياة للأموات.

كنت الوحيد الذي تمسك بجفافة وحافظ على وقاره من البلل وأكملت مراقبتي لتلك الغيمة وهي مدبرة تبكي كأنما عروس تزف إلى من لا تريدة بعلا لها ولكن لا حيلة لها أمام رغبة الجميع وسحقا لرغبتها....تابعتها حتى غابت في أفق هو البعل المنتظر أم مجرد شاهد على مأساة سابحة وتذكرت أنني بحاجة أن أغفو فما زال طريقي طويلا والقليل الذي قطعتة أنهك الطريق وأنهك جسدي....ناسج الخطوات على ردائة المكشوف وندوبة الناتئة قد سميت حجارة تيمنا أنه قد بني كما بنيت جدران تقف مترصدة لكل تلك الوجوه البالغة في سنن الفضول.

أرخيت ظهري قليلا أو كثيرا وأضنني ألصقتة بقوة على صدر الصخرة لا أعلم سببا إلا أنها الرغبة في الشعور بالراحة التي تكسو لحمنا حينما يتعرض للمقاومة فأسدلت جفناي على مقلتي أو أتلحفت بهما عن الضوء وقهرت كل شيء وأخذت اردد أيها الرب في علاة ساعدني أن أنام وأحفظني في نومي وأبعد عني روايات الشيطان المزعجة وأنسللت من اليقضة وأمسكت بعنان النعاس وكان الصمت وتبعه نوم عميق عميق جدا ليس له نصيب من الزمن قبل هذا اليوم.

ليست هناك تعليقات: